فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشنقيطي:

{وَالنازعات غرقاً (1)}
الواو للقسم، والمقسم به محذوف، ذكرت صفاته في كل المذكورات، إلى قوله: {فالمدبرات أَمْراً} [النازعات: 5].
وقد اختلف في المقسم به فيها كلها، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله.
والنازعات: جمع نازعة، والنزع: جذب الشَّيء بقوة من مقره، كنزع القوس عن كبده، ويستعمل في المحسوس والمعنوي، فمن الأول نزع القوس كما قدمنا، ومنه قوله: {ونزع يده}، وقوله: {تَنزِعُ الناس كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} [القمر: 20] وينزع عنهما لباسهما، ومن المعنوي قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً} [الحجر: 47]، وقوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول} [النساء: 59]، والحديث: «لعله نزعه عرق».
والإغراض المبالغة، والاستغراق: الاستيعاب.
أما المراد بالنازعات غرقاً هنا، فقد اختلف فيه إلى حوالى عشرة أقوال منها: أنها الملائكة تنزع الأرواح، والنجوم تنتقل من مكان إلى مكان آخر، والأقواس تنوع السهام، والغزاة ينزعون على الأقواس، والغزاة ينزعون من دار الإسلام إلى دار الحرب للقتال، والوحوش تنزع إلى الطلا، أي الحيوان الوحشي.
والناشطات: قيل أصل الكلمة: النَّشاط والخفَّة، والأنشوطة: العقدة سهلة الحل، ونشطه بمعنى ربطه، وأنشطه حله بسرعة وخفة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «كأنما أنشط من عقال»
أم المراد به هنا فقد اختلف فيه على النحو المتقدم تقريباً، فقيل: الملائكة تنشط الأرواح، وقيل: أرواح المؤمنين تنشط عند الفزع، ولم يرجح انب جرير معنى منها، وقال: كلها محتملة، وحكاها غيره كلها.
وقد ذكر في الجلالين المعنى الأول منها فقط، والذي يشهد له السياق والنصوص الأخرى: أن كلاً من النازعات والناشطات: هم الملائكة، وهو ما روي عن ابن عباس ومجاهد، وهي صفات لها في قبض الأرواح.
ودلالة السياق على هذا المعنى: هو أنهما وصفان متقابلان: الأول نزع بشدَّة، والآخر نشاط بخفة، فيكون النزع غرقاً لأرواح الكفار، والنشط بخفة الأرواح المؤمنين، وقد جاء ذلك مفسراً في قوله تعالى في حق نزع أرواح الكفار {وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون فِي غَمَرَاتِ الموت والملائكة باسطوا أَيْدِيهِمْ أخرجوا أَنْفُسَكُمُ اليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون} [الأنعام: 93] الآية. وقوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الحريق} [الأنفال: 50]، وقوله تعالى في حق المؤمنين: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} [الفجر: 27- 28]، وقوله: {إِنَّ الذين قالواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].
وهذا يتناسب كل المناسبة مع آخر السورة التي قبلها إذ جاء فيها: {إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يوم يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [النبأ: 40]، ونظر المرء ما قدمت يداه يبدأ من حالة النزع حينما يثقل اللسان عن النطق في حالة الحشرجة، حين لا تقبل التوبة عند العناية لما سيؤول إليه، فينظر حينئذٍ ما قدمت يداه، وهذا عند نزع الروح أو نشطها، والله تعالى أعلم.
{وَالسابحات سَبْحًا (3) فالسابقات سَبْقًا (4)}
قيل: السابحات النجوم.
وقيل: الشمس والقمر والليل والنهار، والسَّحاب والسّفن، والحيتان في البحار، والخيل في الميدان.
وكرها كلها أيضاً ابن جرير ولم يرجح. وقال: كلها محتملة، وذكرها غيره كذلك.
والواقع، فإنها كلها آيت عظام تدل على قدرته تعالى، إلاَّ أن السِّياق في أمر البحث والمعاد، وأقرب ما يكون إليه الآيات الكونية: الشمس والقمر والنجوم، وقد وصف الله الشمس والقمر بالسابحات في قوله تعالى: {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ الليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] والسابقات في النجوم، السيارة.
{فالمدبرات أَمْرًا (5)}
اتفق المفسرون على أنها الملائكة، وذكر الفخر الرازي رأياً له بعيداً، وهو أنها الأرواح، وأنها قد تدبر أمر الإنسان في المنامات، وهو قول لا يعول عليه كما ترى.
والذي يشهد له النص أنها الملائكة، كما في قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] وكما وصف الله الملائكة بقوله: {لاَّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
{يوم ترجف الراجفة (6) تَتْبَعُهَا الرادفة (7)}
هما النفختان في الصور، {الراجفة} هي الأولى، و{الرادفة} هي الثانية، كما في قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 67].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة يس عند قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصور فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} [يس: 51]، وسميت الأولى الراجفة، لما يأخذ العالم كله من شدة الرجفة، كامفي قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحاقة: 14] وقوله: {فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض} [الزمر: 68].
وذكر ابن كثير عن الإمام أحمد رحمه الله بسنده: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه» فقال رجل: يا رسول الله: أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: «إذاً يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك» وسنده قال أحمد: حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث.
{يَقولونَ أإنا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة (10)}
قال ابن كثير: يستنكر المشركون البعث بعد الموت، والحافرة: الحياة بعد موتهم ومصيرهم إلى القبور.
ونقل أن الحافرة النار، وأكثر المفسرين على أنها الحياة الأولى: يقال: عاد في حافرته رجع في طرييقه، كأن محياه الأول حفر طريقه بمشيه فيها، وعليه لا علاقة له بحفرة القبر، وإنما هو تعبير عربي عن العودة في الأمر، ويشهد له قول الشاعر:
أحافرة على صلع وَشيب ** معاذ الله من صَلع وعار

أي أرجع إلى الصبا بعد الصلع والشيب.
وقول الآخر:
أقدم أخَا نهم على الأساوره ** ولا يهولنك رؤوس نَادره

فإنما قصرك ترب الساهره ** حتى تَعود بعدها في الحافره

من بعد ما صرت عظاما ناخره

وقد دلت الآية بعدها، إلى أن المراد بالحافرة العودة إلى الحياة مرة أخرى، في قوله: {قالواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرة} [النازعات: 12].
والكرة: هي العودة إلى الحياة الأولى. ويه ما قبل حفرة القبر من تكرار الحياة السابقة. والله تعالى أعلم.
{أَإذَا كُنَّا عِظَامًا نخرة (11)}
العظام النخرة البالية، والتي تخللها الريح، كما في قول الشاعر:
وأخليتها من مخها فكأنها ** قوارير في أجوزافها الرِّيح تنخر

ونخرة الريح شدة صوتها، ومنه المنخر، لأخذ الهواء منه، ويدل لهذا قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قال مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78].
{هَلْ أَتَاكَ حديث مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوى (16)}
بين تعالى هذا الحديث وموضوعه ومكانه بقوله تعالى بعده: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالوادي المقدس طوى اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى} [النازعات: 16- 17]- إلى قوله- {فَقال أنا رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: 24].
قوله تعالى: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالوادي المقدس} بين القرآن الكريم، أنه الطور في قوله تعالى: {فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً} [القصص: 29]- إلى قوله- {فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الوادي الأيمن فِي البقعة المباركة} [القصص: 30] والمباركة تساوي المقدس.
فبين تعالى أن المناداة كانت بالطور وهو الواد المقدس، وهو طوى، وفي البقعة المباركة. وقد بين تعالى ما كان في ذلك المكان من مناجاة وأمر العصاة والآيات الأخرى في سورة طه من أول قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حديث موسى إِذْ رَءَا نَاراً} [طه: 9- 10] إلى قوله: {اذهب إلى فِرْعَوْنَ} [طه: 24].
وقد فصل الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه القول في ذلك الموقف في سورة مريم عند قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطور الأيمن} [مريم: 52].
وقد بين تعالى في سورة طه، كامل قصة المناداة من قوله: {إني أَنَاْ رَبُّكَ فاخلع نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بالواد المقدس طوى وَأَنَا اخترتك فاستمع لِمَا يوحى إنني أَنَا الله لا إله إلا أَنَاْ فاعبدني وَأَقِمِ الصلاة لذكريا إِنَّ الساعة آتِيَةٌ} [طه: 12- 15].
ثم قصة العصا والآية يده عليه السلام، وإرساله إلى فرعون إنه طغى، وسؤال موسى: {قال رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لي أَمْرِي} [طه: 25- 26]، واستوزار أخيه معه، دون التعرض إلى أسلوب الدعوة، وفي هذه السورة الكريمة بيان لمنهج الدعوة، وما ينبغي أن يكون عليه نبي الله موسى معدوالله فرعون. وأسلوب العرض: هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى، ثم تقديم الآية الكبرى، ودليل صحة دعواه مما يلزم كل داعية اليوم أن يقف هذا الموقف، حيث لا يوجد اليوم أكثر من فرعون، ولا أشد طغياناً منه حيث ادعى الربوبية والألوهية معاً فقال: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: 24]، وقال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} [القصص: 38]، ولا يوجد اليوم أكرم على الله من نبي الله موسى وأخيه هارون.
ومع ذلك فيكون منهج الدعوة من أكرم خلق الله إلى أكفر عباد الله بهذا الأسلوب الهادئ اللين الحكيم منطلقاً من قوله تعالى: {فَقولاَ لَهُ قولاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} [طه: 44] فكانا كما أمرهما الله، وقالا كما علمهما الله، {هَل لَّكَ إلى أَن تزكى وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فتخشى} [النازعات: 18- 19]، وهذا المنهج هو تحقيق لقوله تعالى: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125].
وقد وضع القرآن منهجاً متكاملاً للدعوة إلى الله، وفصله العلماء بما يشترط في الداعي والمدعو إليه، ومراعاة حال المدعو.
وقد قدم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه: {يا أيها الذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا اهتديتم} [المائدة: 105] من سورة المائدة.
وقوله تعالى: {وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] في سورة هود.
وقوله تعالى: {وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] في سورة النحل.
ومجموع ذلك كله يشكل منهجاً كاملاً لمادة طريق الدعوة إلى الله تعالى، فيما يتعلق بالداعي والمدعو وما يدعو إليه، وكيفية ذلك والحمد لله.
{فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)}
ذكر هنا الآية الكبرى فقط، وذكر تعالى منها ان فرعون جمع بين التَّكذيب والعصيان، وتقدم في سورة القمر قوله: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النذر كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر: 41- 42].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك هناك.
{فَأَخَذَهُ اللَّهُ نكال الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)}
النكال: هو اسم لما جعل نكالاً للغير، أي عقوبة له حتى يعتبر به، والكلمة من الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل القيد.
قاله القرطبي.
واختلف في الآخرة والأولى: أهم الدنيا والآخرة؟ أم هم الكلمتان العظيمتان اللتان تكلم بهما فرعون في قوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} [القصص: 38].
والثانية قوله: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: 24].
قال ابن عباس: وكان بينهما أربعون سنة. وقد اختار ابن كثير الأول، واختار ابن جرير الثاني، ومعه كثير من المفسرين.
ولكن يرد على اختيار ابن كثير: أن السياق قدم الآخرة، مع ان تعذيب فرعون مقدم فيه نكال الأولى، وهي الدنيا.
كما يرد على اختيار ابن جرير، أن الله تعالى جعل أخذه إياه نكالاً، ليعتبر به من يخشى، والعبرة تكون أشد بالمحسوس، وكلمتاه قيلتا في زمنه.
والقرآن يشهد لما قاله ابن كثير، في قوله تعالى: {فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: 92]، وهذا هو محل الاعتبار.
وقد قال تعالى بعد الآية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يخشى} [النازعات: 26].
واسم الإشارة في قوله: إن في ذلك: راجع إلى الأخذ والنكال المذكورين، أي المصدر المفهوم ضمناً في قوله تعالى: {فَأَخَذَهُ الله} وقوله: نكال، بل إن نكال مصدر بنفسه، أي فأخذه الله ونكل به، وجعل نكاله به عبرة لمن يخشى.
{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28)}
لما كان فرعون على تلك المثابة من الطّغيان والكفر، وكان من أسباب طغيانه الملك والقوّة، كما في قوله تعالى: {وَفِرْعَوْنَ ذِى الأوتاد} [الفجر: 10]، وقوله: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض} [لقصص: 4]، وقوله عنه: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتيا} [الزخرف: 51].
وهذه كلها مظاهر طغيانه وعوامل قوته، خاطبهم الله بما آل إليه هذا الطغيان، ثم خاطبهم في أنفسهم محذراً من طغيان القوة {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السماء}، حتى لو ادعيتم أنكم أشد قوة من فرعون، الذي أخذه الله نكال الآخرة والأولى، فهل أنتم أشد خلقاً أم السماء؟
وقد جاء الجواب مصرحاً بأن السماء أشد خلقاً منهم في قوله تعالى: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} [غافر: 57].
وبين ضعف الإنسان في قوله في نفس المعنى {فاستفتهم أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ} [الصافات: 11].
وفي هذا بيان على قدرته تعالى على بعثهم بعد إماتتهم وصيرورتهم عظاماً نخرة.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، شي من ذلك عند آية الصافات {فاستفتهم أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ} [الصافات: 11].
قوله تعالى: {بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا}.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك. في سورة ق عند قوله تعالى: {أَفَلَمْ ينظروا إِلَى السماء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} [ق: 6].
{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دحاها (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)}
في هذه الآية الكريمة وصف الأرض بأن الله تعالى: دحاها، وجاء في آية أخرى أنه طحاها بالطاء، وجاء في آية أخرى أنه بسطها، وهي قوله تعالى: {وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 20].
وقد اختلف في تفسير قوله: {دحاها}، فقال ابن كثير: تفسيره ما بعده {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا والجبال أَرْسَاهَا} [النازعات: 31- 32] وهذا قول ابن جرير عن ابن عباس.
وقال القرطبي: {دحاها} أي بسطها.
والعرب تقول: دحا الشيء إذا بسطه.
وقال أبو حيان: {دحاها} بسطها ومهدها للسكنى والاستقرار عليها: ثمَّ فسر ذلك التمهيد بما لابد منه من غخراج الماء والمرعى، وإرسائها بالجبال.
ومما ذكر يتأتَّى السكنى والمعيشة حتى الملح والمأكل والمشرب، وهذا هو كلام الزمخشري بعينه.
وقال الفخر الرازي: {دحاها} بسطها، فترى أن جميع المفسرين تقريباً متفقون على أن {دحاها} بمعنى بسطها.
وقول ابن جرير وابن كثير: إن {دحاها} فسر بما بعده لا يتعارض مع البسط والتمهيد، كما قال ابو حيان: إنه ذكر لوازم التسكن إلى المعيشة عليها من إخراج مائها ومرعاها لأن بهما قوام الحياة.
ومما يستأنس به أن الدحو معروف بمعنى البسط، قول ابن الرومي:
ما أنس لا أنس خبازاً مررت به ** يدحو الرقَاقة وشك اللمح بالبصر

ما بين رُؤيتها في كفه كرة ** وبين رؤيتها قوراء كالقمر

إلا بمقدار ما تنداح دَائرة ** في صفحة المَاء ترمي فيه بالحجر

وقد أثير حول هذه الآية مبحث شكل الأرض أمبسوطة هي أم كروية مستديرة؟
وإذا رجعنا إلى أمهات كتب اللغة نجد الآتي:
أولاً: في مفردات الراغب: قال: {دحاها}، أزالها من موضعها ومقرها.
ومنه قولهم: دحا المطر الحصى من وجه الأرض أي جرفها، ومر الفرس يدحو دحواً: إذا جر يده على وجه الأرض فيدحوا ترابها.
ومنه أدحى النعام، وقال: الطحو كالدحو، وهو بسط الشيء والذهاب به والأرض ما طحاها، وأنشد قول الشاعر:
طحا بك قلب في الحسان طروب

أي ذهب بك.
وفي معجم مقاييس اللغة، مادة دحو: الدال والحاء والواو أصل واحد يدل على بسط وتمهيد.
يقال: دحى الله الأرض يدحوها دحواً إذا بسطها.
ويقال: دحا المطر: الحصا عن وجه الأرض، وهذا لأنه إذا كان كذلك فقد مهد الأرض.
ويقال للفرس، إذا رمى بيده رمياً لا يرفع سنبكه عن الأرض كثيراً: مر يدحو دحواً، ومن الباب أدحى النعام الموضع الذي يفرخ فيه أفعول من دحوت، لأنه يدحوه برجله ثم يبيض فيه، وليس للنعامة عش.
وفي لسان العرب مادة دحا، والدحو: البسط، دحى الأرض يدحوها دحواً: بسطها.
وقال الفراء في قوله عز وجل: {والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها}، قال بسطها، وذكر الأدحى مبيض النعام في الرمل، لأنَّ النعامة تدحوه برجلها، ثم تبيض فيه.
وذكر حديث ابن عمر: «فدحا السيل فيه بالبطحاء»، أي رمى وألقى.
قال: وسئل ابن المسيب عن الدحو بالحجارة، فقالك لا بأس به، أي المراماة بها والمسابقة.
وعن ابن الأعرابي: هو يدحو بالحجر، أي يرمي به ويدفعه، والداحي: الذي يدحو الحجر بيده، وأنشد لأوس بن حجر بمعنى ينزع قوله:
ينْزع جلد الحصا أحسين مبترك ** كأنه فاحص أو لاعب دَاح؟

وفي حديث أبي رافع: «كنت ألاعب الحسن والحسين رضوان الله عليهما بالمداحي»، هي أحجار أمثال القرصة، كانوا يحفرون حفرة يدحون فيها بتلك الحجارة، فإذا وقع الحجر فيها غلب صاحبها، وإن لم يقع غلب.
والدحو: هو رمي اللاعب بالحجر والجوز وغيره اه.
وما ذكره صاحب اللسان عن أبي رافع لا زال موجوداً حتى الآن بالمدينة، ويسمى الدحل باللام، كما وصف تماماً.
وبعد إيراد أقوال أصول مراجع اللغة، وما قدم من أقوال المفسرين. فإنَّنا نواجه الجدل القائم بين بعض علماء الهيئة، وبعض العلماء الآخرين، في موضوع شكل الأرض، ولعلّنا نوفق بفضل من الله إلى بيان الحقيقة في ذلك، حتى لا يظن ظانّ تعارض القرآن، وما يثبت من علوم الهيئة أو يغتر جاهل بما يقال في الإسلام.
وبتأمل قول المفسرين نجدها متفقة في مجموعها: بأن دحاها مهدها وسهل الحياة عليها، وذكر لوازم التمكين من الحياة عليها من إخراج الماء، والمرعى، ووضع الجبال، وهو المتفق مع نصوص القرآن في قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً والجبال أَوْتَاداً} [النبأ: 6- 7].
وقوله: {هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ} [الملك: 15].
وكل ذلك من باب واحد، وهو تمهيدها والتَّمكين للعيش عليها، وليس فيه معنى التَّكوير والاستدارة.
وإذا جئنا إلى كتب اللغة نجدها كلها، تنص على أن الدحو: البسط، والرمي، والأزالة، والتمهيد، فالبسط والتمهيد والرمي بالحجر المستدير في الحفرة الصغيرة معانٍ مشتركة؟ وكلَّها تفسر {دحاها}، بمعنى بسطها ومهدها. وأن الأدحية مبيض النعام لا بيضه، كما يقولون وسمي بذلك لأنها تدحوه بيدها لتبيض فيه، إذ لا عش لها.
وعليه، فلا دليل من كتب اللغة على ان الدحو هو التكوير، ولكن ما قول العلماء في شكل الأرض، بصرف النظر عن كون القرآن تعرض له أو لم يتعرض؟
إذا رجعنا غلى كلام من نظر في علم الهيئة من المسلمين، فإنا نجدهم متفقين على أن شكل الأرض مستدير.
وقيل إيراد شيء من أقوالهم ننبه على أنه لا علاقة لهذا البحث بموضوع الحركة، سواء للأرض أو غيرها، فذاك بحث مستقل، ليس هذا محله، وإنما البحث في الشكل.
أما أقوال العلماء في شكل الأرض، فإن أجمع ما وقفت عليه، وأصرح وأبين، هو كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة الهلال، جاء فيها: قال في موضع منها قوله، وقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع من علماء الأمة، أن الأفلاك مستديرة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الليل والنهار والشمس والقمر} [فصلت: 37] وقال: {وَهُوَ الذي خَلَقَ الليل والنهار والشمس والقمر كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33] وقال تعالى: {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ الليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
قال ابن عباس: في فلكة مثل فلكة المغزل. وهكذا هو في لسان العرب: الفلك الشيء المستدير. ومنه يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار.
قال تعالى: {يُكَوِّرُ الليل على النهار وَيُكَوِّرُ النهار على الليل} [الزمر: 5]، والتَّكوير هو التدوير. ومنه قيل: كار العمامة وكورها، ولهذا يقال للأفلاك: كروية الشكل. لأن أصل الكرة كورة تحركة الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً.
وقال: {الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5] مثل حسبان الرحى، وقال: {مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتِ} [الملك: 3] وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما، فإنه يتفاوت لأأن زواياه مخالفة لقوائمه.
والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي، ليس بعضه مخالفاً لبعض.
وجاء فيه قوله أيضاً: وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار، في متون العلوم الدينية من البطقة الثانية من أصحاب أحمد: لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب، كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين، أحدهما في الشمال، والآخر في ناحية الجنوب.
قال: ويدل على ذلك أن الكاوكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلاً على ترتيب واحد في حركتها ومقادير أجزائها، إلى أن تتوسط السماء، ثم تنحدر على ذلك الترتيب، فكأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دوراً واحدًّا.
هذه نبذة من أقوال علماء المسلمين في شكل الأفلاك، ثم قال: وهذا محل القصد بالذات، وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة.
قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب، لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب.
قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء، كالنقطة في الدائرة، يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء، على قدر واحد، فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد، فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء اه. بلفظه.
فهذا نقل لإجماع الأمة، من أمام جليل في علمي المعقول والمنقول، على أن الأرض على شكل الكرة، وقد ساق الأدلة الاضطرارية من حركة الأفلاك على ذلك.
ومن جهة العقل أيضاً يقال: إن أكمل الأجرام هو المستدير كما قال في قوله: {مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتِ} [الملك: 3].
وعليه، فلو قدر لسائر على وجه الأرض، وافترضنا الأرض مسطحة كسطح البيت أو القرطاس مثلاً، لكان لهذا السائر من نهاية ينتهي إليها، وهي منتهى التسطيح أو يسقط في هاوية، وباعتبارها كرة، فإنه يكمل دورته، ويكررها ولو سار طيلة عمره لما كان لمسيره منتهى، لأنه يدور على سطحها من جميع جهاتها. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه:
كان من الممكن أن نقدم هذه النتيجة من أول الأمر ما دامت متفقة في النهاية مع قول علماء الهيئة. ولا نطيل النقول من هنا وهناك، ولكن قد سقنا ذلك كله لغرض أعم من هذا كله، وقضية أشمل وهي من جهتين:
أولاهما: أن علماء المسلمين مدركون ما قال به علماء الهيئة، ولكن لا من طريق النقل أو دلالة خاصة على هذه الجزئية من القرآن، ولكن عن طريق النظر، والاستدلال، إذ علماء المسلمين لم يجهلوا هذه النظرية، ولم تخف عليهم هذه الحقيقة.
ثانيتهما: مع علمهم بهذه الحقيقة وإدراكهم لهذه النظرية، لم يعز واحد منهم دلالتها لنصوص الكتاب أو السنة.
وبناء عليه نقول: إذا لم تكن النصوص صريحة في نظرية من النظريات الحديثة، لا ينبغي أن نقحمها في مباحثها نفياً أو إثباتاً، وإنما نتطلب العلم من طريقه، فعلوم الهيئة من النظر الاستدلال، وعلوم الطب من التجارب والاستقراء، وهكذا يبقى القرآن مصاناً عن مجال الجدل في نظرية قابلة للثبوت والنفي، أو التغيير والتبديل، كما لا ينبغي لمن لم يعلم حقيقة أمر في فنه أن يبادر بإنكارها ما لم تكن مصادمة لنص صريح.
وعليه أن يثبت أولاً وقد نبهنا سابقاً على ذلك في مثل ذلك في قصة نبي الله سليمان مع بلقيس والهدهد حينما جاءه، فقال: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22] وقصَّ عليه خبرها مع قومها، فلم يبادر عليه السلام بالإنكار. لكون الآتي بالخبر هدهداً، ولم يكن عنده علم به ولم يسارع أيضاً بتصديقه، لأنه ليس لديه مستند عليه، بل أخذ في طريق التثبت بواسطة الطريق الذي جاء الخبر به قال: {سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الكاذبين} [النمل: 27]، وأرسله بالكتاب إليهم، فإذا كان هذا من نبي الله سليمان ولديه وسائل وإمكانيات كما تعلم. فغيره من باب أولى.
تنبيه آخر:
إذا كان علماء الإسلام يثبتون كروية الأرض، فماذا يقولون في قوله تعالى: {أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17]- إلى قوله- {وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 20]. وجوابهم كجوابهم على قوله تعالى: {حتى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86]، أي في نظر العين، لأن الشمس تغرب عن أمة، وتستمر في الأفق على أمة أخرى، حتى تأتي مطعلها من الشرق في صبحة اليوم الثاني، ويكون بسط الأرض وتمهيدها، نظراً لكل إقليم وجزء منها لسعتها وعظيم جرمها.
وهذا لا يتنافى مع حقيقة شكلها، فقد نرى الجبل الشاهق، وإذا تسلقناه ووصلنا قمته وجدنا سطحاً مستوياً، ووجدنا أمة بكامل لوازمها، وقد لا يعلم بعض من فيه عن بقية العالم، وهكذا، والله تعالى أعلم.
{كَأَنَّهُمْ يوم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)}
العشية: ما بين الزوال إلى الغروب، والضحى: ما بين طلوع الشمس إلى الزَّوال، وهذا تحديد بنصف نهار.
وقد جاء التحديد بساعة من نهار.
وجاء: {يوماً أَوْ بَعْضَ يوم} [الكهف: 19].
وجاء: {إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشَراً} [طه: 103].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان ذلك عند قوله تعالى في سورة يونس: {وَيوم يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النهار} [يونس: 45]، وأحال على دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، وسيطبع إن شاء الله مع هذه التتمة. اهـ.